اصطحبت أم المانية شابة طفليها الصغيرين "فيليب وسيبستيان" في أول يوم من هذا العام الى النمسا، لتقضي معهما يوما تريفيهيا، يستمتعون جميعا خلاله بجمال الطبيعة، وإستنشاق الهواء النقي على قمم الجبال في مدينة "كالس النمساوية". وهناك أخذت تلك الأم التليفريك مع ولديها، وبالفعل إستمتع الجميع بأوقات سعيدة وهم يمرّون في التلفريك فوق تلك الجبال المغطاة بالثلج.
لم تكن تعلم تلك الأم المأساة التي تنتظرها على تلك الجبال، إذ الموظف العامل بمحطة التليفريك، أخطاء في تسجيل أرقام الكراسي التي تقلع بالسائحين بغير عمد، فنسي تسجيل رقم الكرسي الذي يحمل تلك الأم وولديها.
وبعد إنتهاء الوقت المحدد لعمله اليومي، قام بمراجعة أرقام الكراسي، فبدا له أن جميع الكراسي التي أقلعت قد عادت فارغة. فأغلق الدائرة الكهربائية للمحطة، وغادرها الى بيته، غير مدركا أن هناك كرسيا آخر ما زال معلقا بين السماء والأرض والذي يحمل تلك الأم وأطفالها.
بدى للأم في بادء الأمر، بأن توقف الكرسي شيئا وقتيا ولفترة وجيزة من الزمن، لكن مع مرور الوقت أخذ القلق يمتلكها، إذ لم يتحرك الكرسي بتاتا، ثم إقترب الظلام، وبدى وبأن التيار الكهربائي قد إنقطع تماما.
نظرت حولها فلم تجد أحدا، حيث كان الكرسي يبعد مسافة كبيرة عن المحطة. نظرت أسفلها فوجدت أن الجبال، التي كساها الثلج تبعد عن الكرسي أكثر من إرتفاع ثلاثة أدوار.
حاولت تلك الأم لفت الإنتباه بشتى الوسائل، لكن من غير جدوى، ومرت الساعات، من دون أن يسأل أحد عنهم، كما بدأت درجة الحرارة تنخفض والليل يقترب... لم تجد تلك الأم أمامها سوى أن تحتضن ولديها وتضمهما بين ذراعيها، ليس فقط لكي تمنحهما الدفء بل لتحفظهما من الإصابة، لأنها قررت أن تقفز بهما من إرتفاع أكثر من 9 أمتار دون أن تبالي بما قد يحدث لها. فكان همها الأول هو إنقاذ ولديها ووصولها الى الأرض بأمان حتى ولو تلقّت هي الصدمة الكبرى نتيجة القفز.
وبالفعل إحتضنت تلك الأم الطفلين بقوة شديدة وقفزت بهما من الكرسي هاوية الى الأرض، ثم أخذت تسير من على الجبل حتى وصلت بولديها الى أقرب منطقة سكنية، وبعد ذلك غابت تلك الأم عن وعيها، وعندما أفاقت من غيبوبتها، وجدت نفسها في المستشفى وقد أصيبت بشلل نصفي وبعض الكسور.
لقد ضحَّت تلك الأم الحنونة والشجاعة، وتألمت وأصيبت بالكسور والشلل بسبب خطاء الغير، وذلك لكي تنقذ ابنيها من الموت. لكن هناك تضحية أعظم وأروع... هي تضحية ربنا يسوع المسيح، كيف وهو القدوس البار، قدّم حياته لأجلنا نحو الخطاة... البار من أجل خطاة، فكم من عبيد وخدام يموتون من أجل ساداتهم... أما هو... فمات السيد من أجل العبيد، البار من أجل الأثمة، لكي يخلصنا من العذاب الأبدي ويهبنا الحياة الأبدية في السماء.