منتدى العريس المنتظر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العريس المنتظر


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلجروب العريس المنتظردخول

 

 ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Nano
Admin
Nano


عدد الرسائل : 911
تاريخ التسجيل : 09/09/2008

ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس Empty
مُساهمةموضوع: ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس   ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 15, 2009 9:14 pm

(ثالثاً) فداحة النجاسة: إن كثيرين يلهون بالنجاسة دون وعي أو إدراك. ولكن الذين يعيشون في حضرة الله ينظرون إليها بذات النظرة التي ينظر بها تعالى إليها، فيرونها كما رآها يوسف، شراً عظيماً. وللإيضاح نقول أنه عندما تراءى الله لأشعياء النبي قديماً، صرخ هذا لساعته قائلاً: "ويل لي إني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين" (أشعياء 6: 5). فنجاسة الشفتين (أو مجرد استخدامهما في نطق كلام لا يليق بجلال الله وقداسته)، التي كان يراها أشعياء فيما سلف شيئاً عادياً، رآها في نور الله شيئاً خطيراً يستحق عقاباً أبدياً – وهكذا الحال معنا، فعندما ندرب نفوسنا على الوجود في حضرة الله، نفزع من الخطيئة ولا نفكر في إتيانها.
(رابعاً) عظمة يوسف: نعلم من التاريخ أن يوسف لم يتوج حاكماً في مصر إلا بعد 14 سنة تقريباًُ من انتصاره على الأهواء الجسدية في بيت فوطيفار (أو بالحري بعدما فسر لفرعون حلمه، ونصحه بما يجب عليه القيام به لتفادي مأساة الجوع التي كانت عتيدة أن تحل ببلاده)، لكن ألا يرى القراء معي أن يوسف عندما قال لهذه المرأة "كيف أفعل هذا الشر العظيم"، كان يلبس تاجاً روحياً أبهى من التاج الذهبي الذي لبسه فيما بعد، عندما اعتلى عرش مصر!! نعم فالتاج الروحي أبهى من التاج الذهبي بما لا يقاس. فالأول مجد سماوي يضعه الله على هامة القديسين، ويظل عليها إلى الأبد. بينما الثاني مصنوع من معدن الأرض، ويضعه الناس على شخص معين إلى حين، مع أن هذا الشخص قد يكون في باطنه دنيئاً، لا يستحق سوى الاحتقار والازدراء.

ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس Do7a995885084


-6عدم الهرب من الخطية ونتائجه

كان شمشون على النقيض من يوسف تماماً. فيوسف كانت الخطيئة تسعى إليه، فيغض النظر عنها. ولما أمسكت بثيابه اسلت منه وتركها وهرب. أما شمشون فكان يسعى إليها برجليه. وعلى الرغم من أنه اكتشف أن الهوى كلن قد أعمى بصيرته، فظل يتردد عليها حتى أسرته وأذلته وأعمت عينيه (قضاة 16).

فقد قيل عنه أنه أحب دليلة. ولكن شتان بين حب وحب. فهناك حب ناتج عن تفكير هادئ متزن يسعى إلى أن تكون لصاحبه علاقة كريمة مع من يحب إلى نهاية الحياة. مهما كانت الظروف والأحوال. ومبدؤه الاحترام المتبادل بين الطرفين. وغرضه التعاون معاً وتقاسم حلو الحياة ومرها، وإنجاب نسل يمجد الله. وشروطه التوافق في الحياة الروحية والثقافية والتقارب في السن والحالة الاجتماعية. وهناك حب أهوج لا يقيم وزناً لأي مبدأ من المبادئ الأدبية أو الاجتماعية كما أنه لفترة محدودة من الزمن يخبو بعدها ويزول. وإذا ظل مدة ما، فإنه ينطفئ إذا أصاب أحد الشريكين مرض أو إملاق ومن ثم فالحب الأول هو الحب الروحي، الذي تختفي فيه الذات ويسعى الواحد بكل ما لديه من جهد لأجل خير صاحبه. أما الحب الثاني فهو الحب الجسدي، الذي يسعى إلى إرضاء الذات وحدها، بغض النظر عن أي شيء آخر – وما أتفهه من حب وما أحقره!!

كان حب شمشون لكل أسف من النوع الثاني، كما كان حب دليلة من هذا النوع أيضاً. فاستغل كل منهما صاحبه لمآربه الخاصة. فشمشون استغل دليلة إرضاء أهوائه، واستغلت دليلة شمشون للحصول على الشهرة والمال، بغض النظر عما يصيب شمشون من ذل أو أذى. وإذ ارتضي هذا أن سلم قلبه لها، أصبحت هي المتسلطة عليه والمسيرة له – فهذا البطل العظيم الذي دوخ جبابرة عصره وسخر منهم وساد عليهم، سيطرت عليه امرأة وجعلته ألعوبة بين يديها. وكم غدر الهوى بصاحبه. وكم قاده إلى الحضيض والهوان.

أخذت دليلة، مدفوعة بحب المال، تسأل شمشون من وقت لآخر عن سر قوته لكي تبلغه إلى أعدائه، فكان يحرص على عدم الإباحة به في أول الأمر. غير أنها لما أخذت تضرب له على الوتر الحساس، ألا وهو بحق حبه لها، وتلح عليه بأسلوبها الناعم الرقيق، "ضاقت نفسه إلى الموت" – عجباً وكل العجب من شمشون! لماذا انتظر حتى وصل به الأمر إلى هذا الحد؟ ولماذا تضيق الدنيا في عينيه على الرغم من سعتها، حتى يصل إلى درجة الرغبة في الموت؟ والجواب: لأنه لم يهرب من الشهوة بل استسلم لها. والشهوة إذا استسلم المرء لها سلبته الراحة والهدوء وضيقت الخناق حوله وقادته، إن أمكن، إلى الانتحار، كما تطالعنا الصحف من وقت لآخر.

وإذ بلغ شمشون الدرجة القصوى من الضيق، هذه الدرجة التي يخبو فيها نور العقل، والتي يجب على كل إنسان أن يبتعد عنها كل البعد، أعلن لها أن سر قوته يكمن في عدم حلق شعر رأسه، بسبب كونه نذيراً لله[1]. ولكن علم شمشون أم لم يعلم، فإن قوته لم تكن راجعة في الواقع على عدم حلق شعره أو إلى غير ذلك من الأمور الأرضية. مثل الشجاعة أو متانة العضلات، بل إلى العلاقة السامية التي كان قد ارتبط بها مع الله كنذير له. إذ كان المفروض في النذير أن يكون مقدساً لله وخاضعاً له، وسالكاً وفق شريعته. وما عدم حلق شعر الرأس إلا رمز إلى هذه الأمور. فموقف النذير بالنسبة إلى الله من هذه الناحية، هو موقف الزوجة المقدسة الأمينة لزوجها (1 كورنثوس 11: 15، أفسس 5: 22- 24).

وماذا فعلت دليلة عندما عرفت سر قوته؟ أنامته على ركبتيها ودعت رجلاً ليحلق له شعر رأسه، لكي تسلمه بعد ذلك إلى أعدائه. فانتبه شمشون من نومه، وهو لا يعلم أنه بحلق شعر رأسه قد فارقه الله – فدليلة، هذا الصديق اللدود أظهرت الحب لشمشون، ولكنه الحب المزيف، إذ قد سلبته كل قوته وتركته ذليلاً مسكيناً. ذلك لأنها أبعدته عن الله وقضت على كل علاقة تربطه به.

ولا يفوتنا أن نقف قليلاً عند العبارة "ولم يعلم (شمشون) أن الرب قد فارقه". ففي لحظة أو طرفة عين، هوى شمشون من المجد إلى الهوان، ومن القوة إلى الضعف، ومن النصرة إلى الهزيمة – ذلك لأنه ليس هناك طريق وسط بين القداسة وبين النجاسة. فإما أن تكون حياتنا حياة القداسة أو حياة النجاسة، فحياة الاتصال بالله أو حياة الابتعاد عنه، أما العروج بين الناحيتين فلا مجال له في أمر العلاقة مع الله (1 ملوك 18: 21). وإذا كان الأمر كذلك، فلنوطد العزم على أن تكون لنا الصلة الروحية مع الله في كل حين، مهما كانت الظروف والأحوال، متشبهين بدانيال الذي وضع في قلبه أن لا يتنجس، ومن ثم لم يتنجس على الإطلاق (دانيال 1: Cool.

وبمناسبة الحديث عن شمشون، أعرف حق المعرفة شاباً عاش نذيراً بالمعنى الروحي ردحاً من الزمن. إذ عندما اخترقت محبة الله الفادية قلبه، تعلق به كل التعلق، ومن ثم أصبحت حياته حياة العبادة والتقوى والخدمة الخالصة. فكان بمجرد أن يسجد أمام الله، يتدفق من قلبه فيض غزير من عبارات الحب والشكر له، يستمر بضع ساعات. وعندما كان يسير في الطريق، كان، بسبب علاقته القوية مع الله، يخيل إليه أحياناً أن يسجد وقتئذٍ أمامه في خشوع وورع. وعندما كان يقدم على تناول طعامه في المنزل، كان يصرف أحياناً وقتاً طويلاً في تقديم الشكر لله، حتى كان ينسى كل شيء عن الطعام، وعندما ينتهي من الشكر كان يأخذ "ساندوتشاً" في يده ثم ينطلق إلى عمله. وحتى في أثناء قيامه بهذا العمل، كان يرفع قلبه من وقت إلى آخر نحو الرب بكل معاني الحب والامتنان. ولم يكن هذا شأنه في أوقات اليقظة فحسب، بل وفي أوقات النوم أيضاً، ولذلك لم يكن يستيقظ إلا وفي فمه تسابيح الحمد والشكر لله – وبالإجمال يمكن أن يقال أنه كان صلاة، إذ أن معظم شهيقه كان استقبالاً لبركات الله ومعظم زفيره كان إرسالاً للتشكرات إليه.

بالإضافة إلى ما تقدم كان يدرس الكتاب المقدس بشغف وعمق، ويفكر في أوقات فراغه فيما درسه ويشكل نفسه على مقتضاه، حتى تشبع بما جاء في الكتاب المقدس تشبعاً تاماً. ولذلك كان يعلن محبة الله وخلاصه الثمين في كل مجال يحل فيه. ويقود نفوساً كثيرة للتمتع بهما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nano.3rab.pro
 
ساعة التجربة وسبيل النجاة منها الجزء السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العريس المنتظر :: كتب دينية مسيحية :: كتب مسيحية-
انتقل الى: