منتدى العريس المنتظر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العريس المنتظر


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلجروب العريس المنتظردخول

 

 ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Nano
Admin
Nano


عدد الرسائل : 911
تاريخ التسجيل : 09/09/2008

ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول Empty
مُساهمةموضوع: ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول   ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 15, 2009 8:06 pm

مقدمة
ما أكثر التجارب التي نتعرض لها نحن المؤمنين. وما أكثر الجهات والظروف التي نتعرض فيها لهذه التجارب. فإذا هجرنا المدينة حيث تنتشر الخطيئة، وذهبا إلى القرية، صادفتنا هناك كذلك. وإذا هجرنا القرية وذهبنا إلى الجبل، وجدناها تنتظرنا فيه. وإذا اعتكفنا في بيوتنا، أو انصرفنا إلى أعمالنا، أو حتى إذا اتجهنا بالصلاة إلى الهنا، وجدناها تتحايل على الوصول إلينا وتوجيه أنظارنا إليها بطرق كثيرة.

ويرجع السبب في ذلك، إلى أن الميل نحو الخطيئة لا ينشأ فقط من عوامل خارجية، بل وأيضاً من عوامل داخلية، كامنة في طبيعتنا البشرية. وهذه الطبيعة، إن استطعنا تهذيبها وتثقيفها بكافة الوسائل، لا يتيسر لنا تغييرها بمجهودنا الذاتي. فهي من هذه الناحية مثل طبائع الكائنات عامة. فالحيوانات المفترسة – مثلاً – إن اختفت شراستها تحت تأثير الترويض لفترة ما، غير أنها تظل كما هي. والدليل على ذلك أنها تنقض أحياناً على مروضيها أنفسهم، وتفتك بهم فتكاً ذريعاً، كما حدث أكثر من مرة أثناء ألعاب "السيرك" المعروفة لدينا.

ومع كل لا يليق بنا أن نيأس من النصرة على التجارب، لأن الله أعلن لنا في كتابه سبيل النجاة منها. ونظراً لأهمية هذا السبيل، نرجو أن يضعه القراء نصب أعينهم في كل حين، حتى يلجؤوا إليه بكل سرعة عندما يتعرضون للتجربة، وذلك لأجل مجده تعالى وخير نفوسهم العزيزة.

ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول Do7a995885084

-1-السلوك بالروح والتجربة

يظن بعض المؤمنين أن الله لا يطلب منهم أن يحيوا حياة القداسة في العالم الحاضر، ولذلك لا يعبئون ببعض الخطايا التي تصدر منهم، بدعوى أنهم مثل غيرهم من البشر، مولودون بطبيعة تميل إلى الخطيئة، ومن ثم فإنها تدفعهم أحياناً إلى تنفيذ مطالبها، كما تدفع هؤلاء سواء بسواء.

وهذه الدعوى وإن كانت معقولة من وجهة النظر الجسدية، لكن غاب عن أذهانهم أنهم بولادتهم من الله ولادة روحية، عن طريق الإيمان الحقيقي بالمسيح (1 يوحنا 5: 1)، حصلوا على طبيعته الأدبية (2 بطرس 1: 4)، كما حصلوا أيضاً على روحه القدوس (أفسس 1: 13)، القادر على صيانتهم من السقوط في الخطية (1 يوحنا 5: 16). لذلك يحرضنا الوحي بالقول "بل نظير القدوس الذي دعاكم، كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة" (1 بطرس 1: 15). وبالقول "وكل من عنده هذا الرجاء به، يطهر نفسه كما هو طاهر" (1 يوحنا 3: 3). ومن هاتين الآيتين يتضح لنا أن الله لا يطلب منا أن نحيا حياة القداسة والطهارة فحسب، بل يطلب أيضاً منا أن تكون هذه القداسة والطهارة نظير قداسته وطهارته، وذلك حتى يتسنى لنا التوافق معه في صفاته الأدبية السامية والتمتع تبعاً لذلك بعطاياه الثمينة لنا.

حقاً إن حياة القداسة والطهارة هذه سامية كل السمو، ونحن لا نستطيع الارتقاء إليها بقوتنا الذاتية، بسبب بقاء الميل إلى الخطيئة في طبيعتنا العتيقة. بيد أن الله في نعمته الغنية، لا يتركنا لقدرتنا الذاتية من جهة السلوك بالقداسة في العالم الحاضر، بل يؤيدنا بروحه القدوس كما ذكرنا. ولذلك عندما نسلم حياتنا له تسليماً كاملاً، يمكن أن يعمل بنا ما لا نستطيع أن نعمله بقوتنا الذاتية. فقد قال تعالى "ليس بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي" (زكريا 4: 6). ولما كان الأمر كذلك، أعلن الوحي أن الله هو الذي يقدسنا بالتمام، ويحفظ أرواحنا ونفوسنا وأجسادنا كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح (1 تسالونيكي 5: 23-24). إذن فلا عذر لنا إذا انحرفنا عن قداسة الله، أو ارتضينا بأخرى أقل منها – إن كان ما هو أقل منها، يمكن أن يدعى قداسة.
إنما يجب أن لا يغيب عنا، أن روح الله وإن كان يسكن فينا (1 كورنثوس 3: 16)، غير أنه لا يرقى بنا إلى حياة القداسة، رغماً عنا، بل بمحض إرادتنا ومشيئتنا. ولذلك قال الوحي لنا "لا تكونوا كفرس أو بغل بلا فهم. بلجام وزمام زينته لكم" (مزمور 32: 9). ومن ثم علينا أن نخضع نفوسنا لروح الله في كل صغيرة وكبيرة، حتى نكون في مأمن من العثرة. فقد قال الوحي "اسلكوا بالروح، فلا تكملوا شهوة الجسد" (غلاطية 5: 16) – وطبعاً ليس المطلوب منا بهذه الآية، أن نقوم بعملين (الأول) السلوك بالروح (والثاني) عدم تكميل شهوة الجسد. بل أن نقوم بعمل واحد، وهو السلوك بالروح، لأن الآية لا تقول "اسلكوا بالروح، ولا تكملوا شهوة الجسد"، بل تقول "اسلكوا بالروح، فلا تكملوا شهوة الجسد". وهناك فرق كبير بين العبارتين. فالأولى تدل على عدم تكميل شهوة الجسد، هو أمر آخر (أو نهي جديد) معطوف على السلوك بالروح، يجب أن نقوم به من تلقاء أنفسنا، بينما العبارة الثانية تدل على أن عدم تكميل هذه الشهوة، هو نتيجة طبيعية للسلوك بالروح[1]، أو بالحري للانقياد الكلي وراء هديه وإرشاده.

والحق ما أشبه ما يعمله الرب معنا، بما نعمله نحن مع الذين يعجزون عن القيام بالأعمال التي يريدون أداءها. فنحن نحمل المقعدين الذين يريدون الانتقال من مكان إلى مكان، ونمسك بأيدي الصغار الذين لا يستطيعون الكتابة، ونحركها في اتجاه الحروف والأرقام، ولا نطلب من هؤلاء أو أولئك في سبيل قيامنا بمساعدتهم، إلا أن يسلموا أنفسهم لإرشاداتنا تسليماً كاملاً. وقد أشار الرسول إلى هذه الحقيقة بعبارة واضحة، فبعد ما قال "تمموا خلاصكم[2] بخوف ورعدة[3]"، قال: "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة" (فيلبي 2: 13). ومن الوسائل التي تساعدنا على السلوك بالروح، حصر الفكر في "كل ما هو حق، وكل ما هو جليل، وكل ما هو عادل، وكل ما هو طاهر، وكل ما هو مسر[4]، وكل ما صيته حسن" (فيلبي 4: Cool. لأنه إذا كان العقل مشغولاً (أو بالأحرى مشبعاً) بأمور سامية، لا يكون هناك مجال لتسرب الخطيئة إليه، بينما إذا لم يكن مشغولاً أو مشبعاً بهذه الأمور، تشرد الأفكار هنا وهناك، وتأتي إلينا بالأهواء التي تتعبنا وتحرمنا من الشركة الروحية مع الهنا.

وحصر الأفكار في الموضوعات الروحية لا يعطلنا عن التفكير في أعمالنا في العالم – كما يدعي البعض – لأننا نفكر في هذه بعقولنا، بينما نفكر في تلك بنفوسنا. فضلاً عن ذلك، فإن التفكير في الموضوعات المذكورة يبعث الفرح والسلام إلينا، وهذان من شأنهما أن يهدئا أعصابنا فيتسنى لنا القيام بأعمالنا العالمية خير قيام. وللإيضاح نقول: إذا تلقى أحدنا في الصباح خبراً طيباً، فإن هذا لا يحول بينه وبين القيام بأعماله اليومية، بل بالعكس يدعه يقبل عليها بهمة ونشاط، كما يمده بالقدرة على تذليل العقبات التي يتعرض لها عند القيام بهذه الأعمال، الأمر الذي لا يستطيعه، إذا لم يكن قد تلقى هذا الخبر.

وهنا يسأل البعض: هل إذا سلكنا بالروح، نكون في مأمن من التجارب؟

الجواب: طبعاً كلا، لأن هذه تلازمنا ما دمنا في العالم، ويرجع السبب في ذلك إلى أمرين: (الأول) أن غرائز الجسد لا تفارقنا طالما نحن نعيش في هذا العالم، و(الثاني) أن عدو الخير يقف لنا بالمرصاد في كل حين – لكن موقفنا إزاء التجارب يتغير تغييراً جوهرياً، عندما نكون سالكين بالروح. فعوضاً عن أن يكون تأثراً بها أو استسلاماً لها، يصبح إعراضاً عنها، وتمسكاً أكثر بحياة القداسة. لأن الصديق، كما يقول الوحي، كشبل ثبيت (أمثال 28: 1). وبذلك تشرق حياتنا الروحية بل ويزداد إشراقها يوماً بعد يوم، لأن "سبيل الصديق كنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل" (أمثال 4: 18).

أما إذا سهونا ولم نسلك بالروح وقتاً ما، فإننا نعرض أنفسنا للدخول في جهاد ضد الخطيئة بقوتنا الذاتية. وجهاد مثل هذا، لا يعود علينا إلا بالتعب والعناء. قال لي أحد الشبان الذين يريدون أن يحيوا حياة القداسة أنه في أثناء الجهاد المذكور، كان يصرخ إلى الله قائلاً "اقتلني ولا أجتاز في هذه النيران المستعرة". ولا أحسبه مغالياً في قوله، لأن هذا الجهاد إنما هو جهاد الإنسان الضعيف ضد الخطيئة، التي قهرت أقوى البشر وأعظمهم (أمثال 7: 26)، وأيضاً ضد أجناد الشر الروحية الذين يقاومون كل راغب في القداسة، بكل ما أوتوا من حيلة وقوة (أفسس 6: 12). ولذلك يجب علينا أن نواظب على السلوك بالروح، لكي نتجنب هذا الجهاد العنيف، فجرام وقاية خير من طن علاج.

[1] ويتضح هذا جلياً من الترجمات الأجنبية: فقد جاء في الترجمة الإنكليزية مثلاً: Walk ye in the Spirit, and ye shall not fulfill the lust of the flesh. أي اسلكوا بالروح وأنتم لا تكملون شهوة الجسد.

[2] الخلاص الذي يجب علينا أن نتممه ليس الخلاص من قصاص الخطيئة الأبدي، بل الخلاص من سلطانها في نفوسنا في الزمن الحاضر. وهناك فرق كبير بين السبيل إلى هذا الخلاص وذاك. فالأول تم بكفارة المسيح مرة واحدة وإلى الأبد، وتحصل عليه في الوقت الحاضر بالتوبة والإيمان الحقيقي بالمسيح، كما سيتضح في الفصل الأخير. أما الثاني فنقوم به نحن بأنفسنا بواسطة انقيادنا بالروح القدس في أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا. لكن وإن كان الخلاص الأول غير الثاني فإنه من الواجب أن يكونا متلازمين معاً.

[3] الخوف والرعدة من الخطيئة هما شيمة كل مؤمن حقيقي، ليس فقط لأن الخطيئة نجاسة تقصيه عن التعبد لله وخدمته في العالم الحاضر، بل وأيضاً لأنها أشنع إساءة في نظره تعالى.
[4] أي يسر الله والناس.

ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول Do7a995885084

-2-الهرب من الأهواء

ذكرنا فيما سلف، أننا إذا سهونا ولم نسلك بالروح، نعرض أنفسنا للدخول في جهاد عنيف ضد الخطيئة. لكن ليس معنى ذلك، أننا إذا وصلنا إلى هذه المرحلة، نفقد الأمل في الانتصار على الخطيئة، كلا – فباب الأمل مفتوح أمامنا على مصراعيه، إذا سرنا في سبيل النجاة الذي أرشدنا الوحي إليه. وما هو هذا السبيل؟

الجواب: هو الهرب من الشهوات، وغض النظر عنها. فقد قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس، وبالحري لكل واحد منا "أما الشهوات الشبابية، فاهرب منها" (2 تيموثاوس 2: 22). كما قال لأهل كورنثوس "اهربوا من الزنا" (1 كورنثوس 6: Cool. وقال بطرس الرسول للمؤمنين "هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة" (2 بطرس 1: 4). وقال عن قوم أنهم هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح (2 بطرس 2: 20). وقد عرف يوسف الصديق ضرورة الهرب، ولذلك عندما ألقت امرأة فوطيفار الشباك حوله قديماً، هرب في الحال (تكوين 39: 15).

لكن من يختبر ضراوة الأهواء، وحقيقة كونها في الطبيعة البشرية، وتعذر الانتصار عليها بالقوة الذاتية، كثيراً ما يظن أنه أصبح في مأمن عنها، إذا لم يسقط أمامها يوماً، أو إذا كان قد اجتاز سناً معينة، غير عالم أن القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس (أرميا 17: 19)، ومن ثم لا يرى داعياً للهرب منها. فإذا واجهته ظل أمامها يدفعها حيناً وتدفعه هي حيناً آخر، وهكذا يستمر الصراع بينه وبينها سجالاً. وتكون النتيجة الحتمية لذلك، أن تأثيرها يقوى عليه في نهاية الأمر بطريقة ما، فيسقط أمامها. وإذا فرضنا جدلاً أنه انتصر، فإن نصرة مثل هذه، لتعد في الواقع هزيمة. لأن قلبه لا بد أن يكون قد تدنس، وفكره قد تنجس. بالإضافة إلى ذلك، يكون قد أضاع جزءاً من حياته الثمينة، كان من الممكن أن يستثمره في القيام بعمل نافع. فكان يجلب الخير إلى نفسه، وإلى غيره أيضاً.

فإذا ظن أحدنا أنه قوي، يجب أن يذكر أن صرعى الخطيئة أقوياء. ألم يقل الكتاب "لأنها طرحت الكثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء"؟ (أمثال 7: 26). وإذا ظن آخر أن كبر سنه يجعله في مأمن منها، يجب أن يذكر أن داود النبي سقط في خطيئته المشهورة وهو في دور الكهولة، هذا الدور الذي لم يكن يخطر بباله أو بال غيره أنه يسقط فيه أمامها. ولماذا سقط؟ طبعاً لأنه لم يهرب من الأهواء، بل ظل أمامها. فلنضع في أذهاننا إذن أنه لا يمكن أن نكون في وقت ما، في مأمن من التجارب. فالرب لم يعدنا مطلقاً بأن يقصي عدو الخير بعيداً عنا، بل بالعكس أنبأنا بأن هذا طلب بأن يغربلنا (لوقا 22: 31)، إنما لكي لا نفشل أو نيأس، أعلن له المجد لنا أنه يكون معنا إلى انقضاء الدهر (متى 38: 41)، وأنه سيسحق الشيطان تحت أرجلنا سريعاً (رومية 16: 20).

لذلك إذا رأى أحدنا منظراً مثيراً للشهوة، يجب أن يهرب من أمامه، ويتجه بكل قلبه إلى الرب، لأن هذا المنظر بداية نار، لا تلبث أن تندلع متخذة منه وقوداً لها. ألم يقل الكتاب "لأن الفجور يحرق كالنار"؟ (أشعياء 9: 18). وأيضاً "أيمشي الإنسان على جمر، ولا تكتوي رجلاه؟" (أمثال 6: 27، 28). كما يجب أن لا يسلك في مشورة الأشرار، أو يقف في طريق الخطأة، أو يجلس في مجلس المستهزئين (مزمور 1: 1)، بل أن يتنكب عن طرق هؤلاء جميعاً، ويحيد عنها (أمثال 4: 14و 15)، لأن من يسير فيها، لا يؤوب ولا يبلغ سبل الحياة على الإطلاق (أمثال 2: 19).

لذلك يجب أن لا ننخدع بقول الجهلاء أن الهرب من أمام الشهوات ليس من الشجاعة في شيء، لأن من يلقي بنفسه إلى التهلكة، لا يعتبر شجاعاً بل جاهلاًَ. ولذلك قال الحكيم "الذكي يبصر الشر فيتوارى. والحمقى يعبرون فيعاقبون" (أمثال 22: 3). كما قال "المستعجل برجليه يخطئ" (أمثال 19: 2). كما يجب أن لا ننخدع بقول هؤلاء الناس أن الهرب من أمام الشهوات تصرف سلبي لا يلجأ إليه إلا من لا حيلة له. لأن الموقف السلبي إزاءها هو الاستسلام لها والخضوع لمطالبها، لكن الهرب منها عمل إيجابي سريع، للنجاة من شباكها.

أخيراً نقول: نظراً لأن الكتاب المقدس يدعو في بعض آياته إلى مقاومة عدو الخير، يظن بعض المؤمنين أن المراد بها هو مقاومة الأهواء والشهوات لا الهرب منها. ومن ثم يعيشون بكل أسف في كفاح مرير ضدها. لكن الآيات المذكورة ليست خاصة بالجهاد ضد الأهواء، بل الجهاد الروحي ضد عدو الخير الذي يثير أعوانه ضدنا لكي يضطهدونا عند القيام بخدمة الله وعبادته. فقد قال بطرس الرسول "لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً[1] من يبتلعه هو، فقاوموه راسخين في الإيمان، عالمين أن نفس هذه الآلام تجري على أخوتكم الذين في العالم" (1 بطرس 2: Cool.

أما الاعتراضات الموجهة ضد الهرب من الأهواء، ففيما يلي بيانها والرد عليها:

1- (إن الغريزة الجنسية هي أقوى الغرائز في طبيعتنا البشرية، ومن ثم ليس من السهل التحول عن مطالبها).

الرد: وإن كان هذا التحول صعباً على طبيعتنا البشرية، لكن الذين يؤمنون بالله إيماناً حقيقياً، ينالون منه قوة روحية يستطيعون بها الارتقاء فوق أهواء هذه الطبيعة كما ذكرنا في الفصل الأول. ولذلك قال الوحي "هذه هي الغلبة التي تغلب(أهواء العالم) إيماننا" (1 يوحنا 5: 4). كما قال "يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رومية 8: 37). ونستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينا (فيلبي 4: 13). و"شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1 كورنثوس 15: 57). وقال للأحداث "لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير" (1 يوحنا 2: 14).

2- (إن الصداقة مع أفراد الجنس الآخر مفيدة من بعض الوجوه، لأنها تحول دون ارتكاب خطيئة النجاسة الذاتية).

الرد: إننا لا نحارب هذه الصداقة، ولكن ننبه الأذهان إلى أنها إذا لم تكن في مخافة الله، قد تتطور وتنتهي إلى علاقة أثيمة، ولو فرضنا أنها لم تتطور، فإنها تولد التعطش الجنسي في الطرفين، الأمر الذي يضر الجهاز العصبي ضرراً بليغاً. ومع كل فإن صداقة مثل هذه لا يندفع إليها إلا الشباب الطائش تحت تأثير ميوله الجسدية وحدها، أي دون أن يكون لديه تقدير للإخلاص والشرف والوفاء. ولذلك فإن العقلاء من الجنسين لا يتورطون أو يفرطون في الصداقة المذكورة.

أما خطيئة النجاسة الذاتية، فلا يفكر في إتيانها إلا ثلاثة أصناف من الشباب: (الأول) غير الناضجين في أفكارهم، لأن هؤلاء لا يعرفون كيف يتصرفون التصرف السليم في ما يتعرض حياتهم من أمور، (الثاني) الذين ينطوون على أنفسهم، كما يفعل الأطفال تماماً، (الثالث) الجبناء الذين ليس لديهم الجلد للتخلص من المشاكل التي تعترضهم في الحياة – ومن ثم، لا يليق أن يخطر إتيان النجاسة الذاتية ببال أي شباب عاقل[2].

3- (إن الصداقة مع أفراد الجنس الآخر فرصة للتعارف، حتى إذا حدث زواج، لا يكون هناك خلاف بين الطرفين، كما لا يكون هذا الزواج أمراً جديداً يتهيبه أحدهما).

الرد: إن التفكير في الزواج يجب أن يكون بعد النضوج الروحي والعقلي والجسمي. وأيضاً بعد توفر المال اللازم لتكوين الأسرة والعناية بها. فضلاً عن ذلك فإن السبيل إلى الزواج المقدس الذي لا تنفصم عراه ليس هو التعرف السابق كما يقال، بل هو الالتجاء إلى الله بالصلاة الحارة، وطلب الإرشاد منه في معرفة المؤمن المناسب – هذا مع العلم بأن من يقبل على الزواج دون خطيئة جنسية سابقة، يكون موضع تقدير عظيم من شريكه، إذ يرى فيه شخصاً عفيفاً مخلصاً جديراً بالحب والوفاء.

أخيراً نقول أننا لا ننهى عن الزمالة والصداقة بين أفراد الجنسين (كما يظن البعض)، لكن ننهى عما يثير الأهواء والشهوات بينهما. لأن الزمالة أو الصداقة في معناها الصحيح هي تعاون الواحد مع الآخر، دون الإساءة إليه أدبياً أو مادياً. وإذا كان الأمر كذلك، يجب أن تكون المعاملة بين الفتى والفتاة مؤسسة على الاحترام المتبادل. ومن علامات هذه الزمالة أو الصداقة أن تكون عامة لكل أفراد الجنس، وليست خاصة بواحد أو واحدة منه. كما تكون في نطاق العمل دون غيره، وأن تكون أيضاً أمام الكل وليس على انفراد.

أما من يختار شخصاً معيناً من الجنس الآخر لكي يذاكر معه (مثلاً) على انفراد، وينتظر التقابل معه بفارغ الصبر، ويفكر فيه كثيراً بعد الافتراق عنه، ويتضايق إذا رآهما أحد جالسين معاً، فإن زمالته أو صداقته لا تكون بريئة. ولذلك خير للطرفين في هذه الحالة أن يقطعا العلاقة التي بينهما على الفور، حتى لا تتطور إلى ما لا تحمد عاقبته.بته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://nano.3rab.pro
 
ساعة التجربة وسبيل النجاة منها بقلم خادم الرب المرحوم: عوض سمعان الجزء الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العريس المنتظر :: كتب دينية مسيحية :: كتب مسيحية-
انتقل الى: